هواء نقي بقرارات منسقة
المشكلة البيئية الحالية في إيران ليست نقصًا في الموارد أو ضعفًا في الكوادر البشرية، بل ضعفًا في نموذج حل المشاکل.
عصر إيران؛ إسماعيل حسين زهي* - تلوث الهواء وغيره من المشاكل البيئية التي نشهدها في بعض أنحاء البلاد اليوم ليست مجرد مجموعة من التحديات المتفرقة؛ فمعظم هذه التحديات يعود إلى أساس مشترك: غياب نهج منهجي لحل المشكلة وفيما يلي بعض النقاط التي تساهم في بلورة هذه الفكرة:
1. أحداث کالجفاف والحرائق وتلوث الهواء تُعدّ حتمية إلى حد ما في جميع البلدان؛ ولكن ما يُحوّل هذه الأحداث إلى "مشكلة مزمنة" هو أساليب حلها.
وهذا الوضع عندما ينشأ إذا نظر كل جهة مسؤولة إلى المشكلة من منظور قطاعي ومنفصل؛ دون أن ترى عواقب قراراتها على المستوى الكلي وفي إطار شبكة من العلاقات بين القطاعات.
2. تلوث الهواء مثال ملموس على هذا الاضطراب؛ تشير التقديرات الرسمية إلى أن آلاف الوفيات التي يُمكن الوقاية منها تحدث سنويًا بسبب تلوث الهواء ويعود هذا الوضع إلى ثلاثة عوامل:
١. انخفاض جودة الوقود
٢. ضعف كفاءة أسطول النقل
٣. هيمنة النقل الخاص على النقل العام
تُعد هذه العناصر الثلاثة نتاجًا مباشرًا لممارسات تسعير الطاقة والسياسات الصناعية في فترات مختلفة. فعندما تُوفر طاقة رخيصة، يغيب الحافز اللازم لإنتاج مركبات موفرة للوقود، وتحسين معايير الوقود، وتطوير النقل العام.
٣. من علامات التفكير غير المنهجي أن يصبح "الحل" نفسه عاملًا من عوامل التحدي؛ فإن زيادة عرض الطرق السريعة والأنفاق والطرق الجديدة - بزعم أنها ستزيد من سعة حركة المرور – أدت في بعض الأحيان إلى زيادة استخدام السيارات، وزيادة حركة المرور، واستهلاك الوقود، وزيادة التلوث. وهذه هي نفس دورة "الطلب المُستحث" التي يُمكن ملاحظتها في نظام النقل الإيراني.
٤. حتى في حال اتخاذ القرارات بشكل صحيح، فإن الهياكل القطاعية والجزئية تمنع تحقيقها؛ فبعض الأنظمة لديها منطق داخلي وعمليات صنع قرار مستقلة؛ دون أي آليات ملزمة لتنسيق السياسات فيما بينها.
يؤدي هذا الوضع إلى تعارض سياسات الطاقة مع السياسات البيئية، وانفصال السياسات الصناعية عن السياسات الحضرية، وغياب التنسيق بين سياسات النقل والاقتصاد الكلي.
5. التفكير المنهجي يعني أن صانع السياسات يدرك كيف يؤثر قرار ما على المجالات الأخرى؛ ويحلل العواقب قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل بطريقة متكاملة؛ وفي نهاية المطاف، بدلاً من التركيز على سلوك المواطن، يُعيد تصميم الهياكل التي تُنتج هذا السلوك.
وفقًا لما ذُكر، فإن مشكلة البيئة في إيران اليوم ليست نقصًا في الموارد أو ضعفًا في الموارد البشرية، بل ضعفًا في نموذج حل المشاکل. والحقيقة هي أنه إلى أن تُرفع المشكلة من مستوى "المؤسسات" إلى مستوى "الأنظمة"، سيظل وضع السياسات مجرد رد فعل ومكلف.
*ممثل المجلس الحادي عشر، ورئيس بلدية خاش وزاهدان السابق
الرئيس التنفيذي السابق لمنظمة تعاون بلديات سيستان وبلوشستان
دكتوراه في الجغرافيا والتخطيط الحضري

الآراء